الهضبة السورية
يمنات
شادي الأثوري
الجولان هي هضبة تقع في بلاد الشام بين نهر اليرموك من الجنوب وجبل الشيخ من الشمال، تابعة إدارياً لمحافظة القنيطرة (كلياً في ما مضى وجزئياً في الوقت الحاضر). وقعت الهضبة بكاملها ضمن حدود سورية، ولكن في حرب 1967 احتل الجيش الإسرائيلي ثلثين من مساحتها، حيث تسيطر إسرائيل على هذا الجزء من الهضبة في ظل مطالبة سوريا بإعادته إليها. ويسمى الجولان أحيانًا باسم الهضبة السورية، فقبل 1967 كان اسم “الهضبة السورية” أكثر شيوعًا مما هو عليه اليوم، خاصة في اللغة العبرية واللغات الأوروبية. وفي بيان صدر عن الجيش الإسرائيلي في 10 يونيو 1967 يقال: “الهضبة السورية في أيادينا”. أما اليوم فلا يستخدم هذا الاسم باللغة العبرية وفي اللغة الإنكليزية يستخدمه الساعون إلى إعادة الجولان لسوريا.
ظلت الجولان مرتهنة في قبضة الإحتلال الصهيوني لإثنان وخمسون عامًا حدث خلال تلك الفترة العديد من المناوشات والحروب سواء كانت كلامية إعلامية أو تبادل لإطلاق النار بين حرس حدود الدولتين او مسؤولي الطرفين ، ليظهر رئيس الوزراء الإسرائيلي في خطاب قدمة لمجلس الأمن شكى فيه حزب الله بالتواجد على جبال الجولان وتكوين خليات تجسس ضد الكيان ودولتة بحكم المرتفعات العالية التي يسيطر عليها النظام السوري والتي تمثل العلو الأكبر برغم المساحة البسيطة ..
تواجد فسّرته الحكومة الإسرائيلية بالعدائي والخطر الذي قد يسببه عليها، وهي فرصة تعتبر سانحة ومثالية جدًا لرئيسها الذي يخوض إنتخابات بلدية في الأشهر القادمة لا تصب في صالحه خاصة وأن المحكمة الإسرائيلية العليا قد تقاضي الرجل في حالة خسارته كونه متهم بقضايا فساد ،منها إختلاس مال عام وتقاضي رشاوي لم تثبت بدعوى صريحة ،رغم الإتهامات تلك.
فرصة يتشبث بها نتنياهو لإعادة شعبيته التي فقدها مؤخرًا ومستندًا فيها على حليفه الأمريكي “دونالد ترمب” الذي يمثل الداعم الأكبر له ولسياسته في المنطقة كما هي أيضًا فترة تفكك يمر بها النظام السوري وإنشغاله بالحروب الداخلية الأهلية التي تعيشها سوريا مؤخرًا عقب إندلاع ثورة في البلد قبيل ثمان سنوات قضت لأن تعيش بعدها سوريا بمرحلة تفكك نتيجة إستغلال دول عدائية لها وتحوير التظاهرات السلمية للزج بآلاف الإرهابيين من خارج البلد لمقاتلة النظام، إنشغالٌ وضعف قد لا يتكرر في السنوات القادمة خاصة وأن النظام السوري إستعاد عافيته قليلًا ولملم قواه وكسب المعركة والأرض منتصرًا على المخطط الإمبريالي بتلك الدول المعادية وحلفائهم في المنطقة ،فترة التراخِ تلك دفعت الرجل “ترمب” للإسراع بتمزيق الوطن السوري عبر وسيلتين أولها تقسيم الشمال السوري وتسليمه لحلفائة في المنطقة ممن قام بتدريبهم والتسليح والإشراف عليهم عبر قواته العسكرية للإستفادة والسيطرة على أكبر مساحة جغرافية في سوريا ،متعذرًا بقتال داعش الذين سمح بدخولهم الكونجرس الأمريكي عبر قراراته وبمساندة من الحلفاء الأقرب “تركيا ودول الخليج” بدواعِ مساندة الثورة والقتال في صف المعارضة المسلحة التي أسموها سابقًا “ثوار” والتي فشلت في أن تدحر النظام لتكون يد أمريكا الأولى على الأرض .
من ناحية أخرى أراد نتنياهو هو أيضًا الإستفادة من حالة التمزق تلك ومرحلة الفراغ السلطوي الأمريكي عبر تصدر المشهد لرجل معتوه يمثل رئيسًا للبلد واليد الطولى لنظام الحكم الذي يعاني هستيريا الرجل وجنونه .
ففيديو جنود حزب الله مثّل ذريعة كبرى لمساندة الكيان في الإستقلال بالجولان المحتل والتي سرعان ما ظهر “ترمب” بعدها بساعات عبر تغريدة على حسابه في تويتر يدعي فيها أحقية إسرائيل بها قائلا : “بعد 52 عاما، حان الوقت لاعتراف الولايات المتحدة الكامل بسيادة إسرائيل على هضبة الجولان التي لها أهمية استراتيجية وأمنية حيوية لدولة إسرائيل والاستقرار الإقليمي”.
وقد ردّ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على ترامب على موقع تويتر وشكره “لاعترافه الشجاع بسيادة إسرائيل على الجولان”.
تغريدة ظهر بعدها النظام السوري عبر وزير خارجيتة وليد المعلم “محذرًا أمريكا ،قائلاً بأن الوقت قد حان لعودة الجولان للحضن العربي السوري” .
من ناحية أخرى ظهر حليف النظام السوري الأول “فلاديمير بوتين “عبر المتحدث بإسم الكرملين مناديًا أمريكا بالتريث ومطالباً إياها بعدم تأجيج الصراع في المنطقة قائلاً “إن أي تغيير في وضع الجولان يعد انتهاكا لقرارات الأمم المتحدة، وحذرت من أن ذلك قد يؤدي إلى تأجيج نيران الصراع في المنطقة.
وقال المتحدث باسم الكرملين، ديمتري بيسكوف، “من المؤكد أن مثل هذه التصريحات يمكن أن تزعزع استقرار الوضع المتوتر بالفعل في الشرق الأوسط”.
وأضاف “إنها مجرد دعوة حتى الآن، ونأمل أن تظل كذلك”.
تصريح لم يتوقف عنده “ترمب” ولم يعره إهتمامًا ليعلن اليوم من واشنطن بعد لقاء جمعه برئيس الحكومة الإسرائيلية أحقية إسرائيل بالمنطقة قائلا:” إسرائيل قامت بتطوير الجولان وحولته من أراضٍ رمليه إلى منطقة آهله بالسكان عبر بنائها لثلاثين مستوطنة هناك كما ويمثل تواجد السوريين هناك مصدر قلق وتخوف على المدنيين”.
تلاه خطابٌ ينبر بالتهديد والوعيد عبر لسان المتحدث بإسم الخارجية الإيرانية _وهي الحليفة الأخرى لسوريا _بهرام قاسمي ..الذي نادى من خلاله الأنظمة العربية والإسلامية بأن “يجب إنهاء عدوان واحتلال هذا النظام على الفور”.
حربٌ كلامية قد لا تسفر لأي تدخلات عسكرية على أرض الواقع بسبب إنشغال النظام العربي السوري بمشكلاتة الداخلية التي تتمثل بقوات سوريا الديمقراطية في الشمال ومطالبهم بالإستقلال، وقوات المعارضة المسلحة في إدلب وبعض جيوب داعش التي تتخذ من التضاريس الجغرافية لبعض المحافظات السورية مستقراً لإعادة لملمة صفوفها وشن هجماتها الخبيثة ..إنشغال يعيشه أيضاً الكيان الإسرائيلي عبر تبادل الصواريخ والإشتباكات المتقطعة مع حركة حماس وعمليات الفدائي الفلسطيني المنادي برحيل الإحتلال في القدس الشرقية والضفة الغربية ونابلس ..
بقى التخمين العسكري ضعيفًا ،لنرى ما ستشهده الأيام القادمة وما ستؤول له الأحداث، أم سيبقى ذلك الإعتراف زوبعة وورقة فوز نتنياهو بالإنتخابات لا أكثر ومن ثم ستتلاشى “خاصة وأن الأمم المتحدة والإتحاد الأوروبي رفضا قطعياً تصريحات “ترمب” ،بإعتبار أحقية سوريا في الجولان..
للاشتراك في قناة موقع يمنات على التليجرام انقر هنا
لتكن أول من يعرف الخبر .. اشترك في خدمة “المستقلة موبايل“، لمشتركي “يمن موبايل” ارسل رقم (1) إلى 2520، ولمشتركي “ام تي إن” ارسل رقم (1) إلى 1416.